في البداية وددت أن يكون نقاش هذا الموضوع بين الرجال فقط لسبب بسيط جدا وهو أن الموضوع متعلق بالجمال من الناحية الذكورية ، بمعنى أن السؤال موجهه للسيد (( رجل )) حول الجمال وهل هناك علاقة بين الجمال والتأنيث ، والتأنيث هنا ليس بالضرورة المرأة ولكن كل مؤنث في هذه الحياة من حيوان وجماد ولغة هذا أن أسلمنا القول انه يوجد تأنيث لغوي يحتوي على مكمن الجمال لذي الأنثوي .
بطبيعة الحال في الجنس البشري يكون الجمال متجه نحو المؤنث مع ظهور حالات شاذة لا حكم لها في العرف ، ولكن في الجماد أكثر ما قيل في وصف الجمال هو القمر فهل لفظة قمر مؤنث وماذا عن الورد وهو محتوى الجمال كله لدي العشاق ؟ وفي الحيوان نرى الطاووس الذكر أجمل بكثير من أنثاه وفي نظري أن الأسد وشعره الكثيف أجمل من اللبوة ، والديك لا يبعد عن هذا الوصف من الدجاجة ، حتى في الكتابة تم تمييزها وتفضيلها عندما يقوم بها الرجل عن الأنثى فقد وصفها أبو الثناء ومن قبله الجاحظ بأنه فرق بين مسمياتها ، فالمرأة حين تكتب لا تسمى إلا مكاتبة والرجل حين يكتب يسمى كتابة والفرق بين المكاتبة والكتابة أن الأولى تستخدم للعشق والرفث ووسيلة جنسية لإشاعة الفساد أما الكتابة فهي شرف وحق ، وربما من هذه الجهة تعترف الرائدات العربيات من أمثال مي زيادة وباحثة البادية وحتى صاحبة الجدل الكبير نوال السعدواي بأنه لا توجد لغة مؤنثة في التعبير ولابد من استعارة التذكير حتى يعبرن عن أنفسهن .
هذا من المنظور المادي البحت ، طبعا إذا افترضنا أن الجمال هو الشكل الخارجي من ملامح متناسقة ولون جذاب وحركات متناغمة وهي لا شك لها تأثير في العقل الباطني لدي المذكر ولكن هل هذه الأشياء يحتكم الجمال أليها وماذا عن البعد الروحي في الأشياء ، فكم جميلة الملامح غجرية الشعر هيفاء القوام ولكنها متبلدة الحس باردة المشاعر خاملة ، هل ينتقص الجمال هنا .
في نظري ان الجمال المتجدد هو جمال الروح أما الملامح فهي تذبل ، وجمال العقل والوعي اللازم ، والحديث هنا ليس مقتصرا عن المرأة ولكنة يشمل الرجل إذا قبلنا أن نطلق عليه لفظة جميل .
عندما نفقد الشيء نجعله ونرسمه خيال لا يوصف ونعمم هذا الخيال في كل شيء حتى يصبح على شكل مسلمات لا فرار منها ، ومن خلال القصص الغرامية العربية والتي في مجملها عذرية الشكل صعبة الوصال مما يطلق العنان للعاشق المحروم بقول الأبيات التي يصف فيها الحبيبة ويصف أن الجمال كله يحتويها فنتج عن هذا التكرار أن الجمال مؤنث ومقتصر على المرأة فقط مما جعل هذه الكلمة تفتقد الكثير من معانيها السامية التي أراها حقا أنها غبنت .
فالجمال للمتأمل الحقيقي قد يراه في الصخر الأصم وقد يسمعه في الرعد ويتذوقه في هدير الموج ،والجمال الحقيقي هو صفاء النفس سواء كان في مذكر أو مؤنث ………ألا توافقوني على ذلك .